بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عباد الله لقد غفلت الألسنة اليوم عن ذكر الله غفلة تسر إبليس وجنوده ، ولما غفلت الألسنة غفلت القلوب عن مراقبة الله في السر والعلانية ، ولما غفلت القلوب والألسنة عن ذكر الله ، اندفعت الجوارح في ميدان المعاصي اندفاعا لا يصدق به إلا من تأمل الناس في تفننهم في الشرور وتسابقهم إليها ، من تقليد للأجانب وشرب لدخان ومعاملات لا تجوز ونفاق وغش ونهش لأعراض الغافلين وخداع ومكر ورياء وربا وكبر وحسد وسماع للملاهي وحضور لها وقوق وشهادة زور ونم وكذب ونحو ذلك .
ولو تحركت الألسنة بذكر الله لا ستيقظت القلوب من غفلاتها القاتلات ، ولو استيقظت القلوب والتفتت إلى ذكر علام الغيوب ما رأيت جارحة من الجوارح تلتفت لشيء من المحظورات ، فإن الغفلة عن ذكر الله هي أصل الشرور واليقظة هي أصل الخير الخير والسعادة في الدنيا والآخرة بإذن الله .
وإليك نموذج من كنوز ذكر الله تعالى ، أولها كلمة الإخلاص ، لا إله إلا الله ، فإنها ترجح بكل ما سواها ، حتى على الأرض والسموات ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ) رواه مسلم والترمذي
موعظة من كلام ابن الجوزي :
يا من يرجى الثواب بغير عمل ، ويرجى التوبة بطول الأمل ، تقول في الدنيا قول الزاهدين ، وتعمل فيها عمل الراغبين ، لا بقليل منها تقنع ، ولا بكثير منها تشبع ، تكره الموت لأجل ذنوبك ، وتقيم على ما تكره الموت له من عيوبك .
تغلبك نفسك على ما تظن ، ولا تغلبها على ما تستيقن ، ما تثق من الرزق بما ضمن لك ، ولا تعمل من العمل ما فرض عليك ، وتستكثر من معصية غيرك ما تحتقره من نفسك .
أما تعلم أن الدنيا كالحية لين مسها والسم الناقع في جوفها يهوي إليها الصبي الجاهل ويحذرها اللبيب العاقل ، كيف تقر عين من عرفها وما أبعد أن يفطم عنها من ألفها ، فتفكروا إخواني في أهل الصلاح والفساد ، وميزوا بين أهل الخسران وأهل الأرباح ، فيا سرعان عمر يفنيه المساء والصباح .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين